mardi 24 novembre 2015

دور الاعلام في النظام العالمي الجديد .... بقلم : زهير المحجوب

قبل أن نشرع في تحديد الأوجه التي يقوم عليها دور الاعلام أمام نظام عالمي جديد, علينا أولا أن نفهم ما المقصود بالنظام العالمي الجديد ؟ و كيف كان دور الاعلام قبل تشكل هذا النظام ؟ و ماهي الأسس و القواعد و الركائز و الأبعاد التي يقوم عليها النظام العالمي الجديد و التي يمكن للاعلام ان ينصهرو يشارك في نشرها و تجسيدها في شكل مبادئ و قيم و أسس عيش مشتركة بين مختلف المجتمعات من الغرب الى الشرق ؟ كذلك ماهي الحدود التي على الاعلام أن لا يتعداها في رسالته النبيلة خاصة على مستوى الخط و الميثاق التحريري الخاص بالمحطة الاعلامية اذاعة كانت أو قناة تلفزية أو حتى الاعلام المكتوب و الاعلام البديل, هذه الحدود التي تتمثل احدى التفاصيل الخفية التي يقوم عليها النظام العالمي الجديد ؟
ماهو النظام العالمي الجديد ؟
حسب موقع " الوايكبيديا ", النظام العالمي الجديد قائم علي حرية الانسان و ان الحرية هي اساس الاعتقاد و التدين الحر و ان لكل انسان الحق في العيش و الحرية و العدالة الاجتماعية و الكرامة الانسانية فهو حر منذ ولد .
و هنا النظام العالمي الجديد له مرجعية تاريخية حيث قال سيدنا عمر بن الخطاب " متي استعبدتم الناس و قد ولدتهم امهاتهم احرارا." , في حادثة القبطي المصري الذي تعرض للظلم من ابن الحاكم عمر بن العاص في ذلك الوقت و قد ثأر عمر للقبطي نصرة له و اعتبارا لذاته البشرية و احتراما لإنسانيته و اعتقاده .
كما ان النظام العالمي الجديد يقوم على تكريس الاستقلال الوطني و التكافل الانساني و نشر قيم التسامح،و الحب بين بني البشر خاصة بعد الحرب العالمية الاولى و الحرب العالمية الثانية, و في هذا الإطار لا يزال النظام العالمي الجديد يسعى الى نشر الأمن و السلم و السلام الذي هو حق لكل البشرية على سطح الأرض.
في جانب اخر, يعتبر بعض المحللين و الدارسين لهذا المفهوم المستحدث  " النظام العالمي الجديد " بأنه برنامج و مسار طويل المدى يهدف الى التلاعب بعقل الانسان بدعوى تحريره من جميع القيود التي تفرضها الأديان على الأشخاص و استبدال هذه القيود بالحرية المطلقة في التدين و الاعتقاد و الفكر و التفكير .
و تعود نشأة هذا المصطلح الى سنة 1990, في خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب عند ارسال القوات الأمريكية الى الخليج بعد أسبوع من اندلاع الأزمة في أوت 1990, و قد ذكر جورج بوش في خطابه بعض المصطلحات التي تندرج ضمن هذا المفهوم " النظام العالمي الجديد ", من بينها : عصر الحرية , زمن السلام لكل الشعوب, » يكون متحرراً من الإرهاب، البحث عن العدل، عهد أكثر أمناً ؛ عصر تستطيع فيه كل أمم العالم غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً ، أن تنعم بالرخاء وتعيش في تناغم.
و الهدف من هذا النظام العالمي الجديد حسب المفسرين و الدارسين له هو تبسيط العلاقات وتجاوز العقد التاريخية والنفسية والنظر للعالم باعتباره وحدة متجانسة واحدة. فلم يعد هناك انفصال أو انقطاع بين المصلحة الوطنية والمصالح الدولية و بين الداخل والخارج. وهو يحاول أن يضمن الاستقرار والعدل للجميع «بما في ذلك المجتمعات ألصغيرة ويضمن حقوق الإنسان.
لقي هذا المفهوم " النظام العالمي الجديد " ردود أفعال مختلفة بين المؤيدين و بين المعارضين, أما بالنسبة للمؤدين فهم على سبيل المثال : الولايات المتحدة الأمريكية , اليابان و أغلبية الدول الأوروبية التي ترى ان النظام العالمي الجديد بوسعه أن يحقق قدراً معقولاً من النجاح بسبب وسائل الإعلام الغربية «العالمية » التي حوّلت العالم  إلى قرية صغيرة. فتدفق المعلومات يجعل المعلومات متاحة للجميع و ليست حكرا على أفراد أو جماعات معينة, الأمر الذي يحقق قدراً من الانفتاح في العالم وقدراً كبيراً من الديمقراطية.
ويرى المدافعون عن هذا النظام أن الخطر الذي يتهدد الأمن اليوم لا يأتي من الخارج وإنما من الداخل، من قوى تقف ضد الديمقراطية وضد تأسيس المجتمع على أسس اقتصادية وعلى أسس التكيف مع النظام العالمي، هذه القوى هي التي تجر الداخل القومي إلى صراع مع الخارج الدولي بدعوى الدفاع عن الكرامة أو الاستقلالية والشخصية القومية أو الرغبة في التنمية المستقلة.
أما المعارضون لهذا النظام العالمي الجديد فيشمل الدول الاسلامية و ذلك لاعتقادهم ان هذا النظام هو بمثابة الحرب الناعمة التي تسعى بالإطاحة بالدين الاسلامي و طمسه و طمس ما فيه من أسس مجتمع و مبادئ و قيم و ضرب ركائز المجتمع كالعائلة و ذلك بتمييع الأخلاق الاجتماعية و الخروج عن سلطة الدين .
كيف كان دور الاعلام قبل تشكل هذا النظام ؟
قبل تشكل هذا النظام العالمي الجديد و منذ ظهوره مع خطاب الرئيس الأمريكي سنة 1990 في حرب الخليج, كان الاعلام يصنف بالاعلام الكلاسيكي, الاعلام الذي يتميز بالرتابة و البرود , حيث كان حكرا على فئة معينة من الناس و النخبة منه و كان لا يستطيع ان يصل الى جميع المتقبلين نظرا لتميزه بالنخبة و انغلاقه في محاور تحدد من سلط الاشراف القائمة في بلد ما, كان الاعلام الكلاسيكي مراقب و مقنن و لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يتمتع بهامش من الحرية, فكل نفس فيه محدد بضوابط يفرضها النظام الحاكم .
أما اليوم فقد تغيرت الموازين و أصبح المتلقي امام عدد كبير من شبكات الاعلام منها محطات خاصة و منها الاعلام الاجتماعي و منها الاعلام الرقمي الذكي و ... و هنا استطاع النظام العالمي الجديد ان يرتكز عليه بل الى فرضها من أجل تكريس الأسس و المبادئ التي يدعو اليها : الديمقراطية , الحرية , حرية الفكر , حرية الضمير , العدل , تكافؤ الفرص , بث رسائل الأمان و السلام الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي و الثقافي في العالم, ...


ماهي الأسس و القواعد و الركائز و الأبعاد التي يقوم عليها النظام العالمي الجديد و التي يمكن للاعلام ان ينصهر في نشرها و تجسيدها في شكل مبادئ و قيم و أسس عيش مشتركة بين مختلف المجتمعات من الغرب الى الشرق ؟
في عالم تتزايد فيه العزلة والتوتر ويتجه لمزيد من العنف، كان من الجلي أنه يجب على المجموعة الدولية التي تنطوي تحت ظل " النظام العالمي الجديد "  أن تؤيد  و تدافع  عن القيم الفردية والاجتماعية التي تشجع احترام حقوق الإنسان ، وتحفز العمل المشترك لإيجاد حلول لمشاكل المجتمع
على المستوى الوطني ( الداخل ) أو على المستوى الدولي ( الخارج ).
و في حديثنا على نظام عالمي جديد, يمكن ان نقتبس من هذه التسمية تسمية أخرى و هي " النظام الاعلامي العالمي الجديد ".
فالنظام الاعلامي العالمي الجديد يقوم على مجموعة من الأبعاد التي تكرس الأهداف و الأسس التي قام المنظرون لهذا النظام بتشريعها في اطار عالمي منفتح :
** البعد القانوني : حق الاتصال و التواصل مفهوم جديد لحرية التعبير و الفكر و الضمير .
** البعد الاقتصادي: مكانة وسائل الاعلام في التنمية الاقتصادية و الترشيد الى سبل و طرائق اقتصادية جديدة عالمية .
** البعد التقني: التمكين من ادارة و استعمال التقنيات الحديثة و صناعات الذكاء.
** البعد التعاوني : التعاون الاعلامي بين الدول و المجموعات الدولية .
** البعد التربوي : جعل وسائل الاعلام مدارس مفتوحة تساهم في تكوين النشئ على القيم و المبادئ العالمية كالديمقراطية و استقلالية الرأي و الرأي المخالف و الحرية و العدالة الاجتماعية  و احترام الذات البشرية و تشجيع الابداع و الخلق و ...
** البعد الثقافي : تجنيد وسائل الاعلام لخدمة الثقافة و الفن و الفكر النير و التشجيع على المبادرة في البحث و الخلق و انارة الرأي العام .
** البعد اللغوي: معالجة الاختلال اللغوي في العالم و توحيد لغة و وسائل التواصل .
** البعد الاجتماعي: تثمين صورة المرأة و الطفل و الانسان عموما من خلال وسائل الاعلام و التأكيد على ضرورة احترامها .

** البعد السياسي : تأثير الاعلام المعاصر في السياسة الدولية و كذلك على السياسة في داخل كل دولة : العمل الإعلامي الذي يطلق عليه صفة “الإعلام السياسي” يتصل خاصة باهتماماته المحلية والدولية ذات الطابع السياسي ، وللإعلام السياسي في النظام الدولي أو النظام السياسي المحلي أهداف كثيرة، منها دعم الديمقراطية وخدمة التنمية السياسية وتكريس الحقوق الإنسانية ، ولئن كان هذا الإعلام يتصل بنشاط مشترك فهو يختلف في مستوى الممارسة ، ومن قطاع الى آخر ، وقد تقدم البحث العلمي في مجالات الاتصال السياسي وظهرت آليات جديدة لقياس مدى تأثير الرسائل الإعلامية والإعلانية في الأذهان وتأكدت صحة نتائج التحقيقات واستطلاعات الرأي ، فأفضى كل ذلك إلى برامج متكاملة ومتلائمة مع حاجة المجموعات في معالجة مختلف الإشكاليات الاجتماعية المتأصلة التي عجزت أجهزة الإدارة عن معالجتها بالوسائل التقليدية التي عرفها الإنسان


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire